| |||||||||
|
| ||||||||||
ليس من الصعب أن نكتشف أن شخصية الملك فاروق غير سوية، وأنه كان يعانى من عقدة نفسية تكونت فى الطفولة وازدادت تغلغلاً فى نفسه مع الأيام والسنين. كانت لديه عقدة نفسية من قسوة أبيه وحرمانه من حنان الأب كسائر الأطفال. وعقدة نفسية أخرى هى التى يسميها علماء النفس عقدة أوديب فى إشارة إلى التراجيديا التى أبدعها شكسبير عن الملك أوديب الذى قتل أباه وأحب أمه وتزوجها دون أن يعرف أن هذا أباه وأن هذه أمه، وعندما عرف الحقيقة فقأ عينيه وهام على وجهة والشعور بالذنب يكاد يقتله. عقدة فاروق أنه أحب أمه (الملكة نازلى) فى طفولته وتعلق بها، وتعلقت هى أيضاً به لأنه الولد الوحيد، ولأنها أفرغت عواطفها عليه تعويضاً عن قسوة الزوج وانشغاله بعشيقاته والحكم عليها بالسجن تقريبا فى جناحها بقصر القبة لمدة سبعة عشر عاماً. والملكة نازلى – كما يذكر الزميل حنفى المحلاوى فى كتابه (الملكة نازلى بين سجن الحريم وكرسى العرش) الذى أصدرته الدار المصرية اللبنانية – تمتد جذورها إلى الدماء الفرنسية والتركية. جدها الأكبر سليمان باشا الفرنساوى الذى أعلن إسلامه وتزوج امرأة مسلمة واستقر فى مصر بصفة نهائية. وجدها الثانى لأمها شريف باشا (أبو الدساتير المصرية) التركى الأصل ابن قاضى عسكر السلطنة العثمانية. والدها عبد الرحيم صبرى تزوج ابنة شريف باشا رئيس وزراء مصر الأسبق، وكان محافظاً للمنوفية، ولما تولى (السلطان) فؤاد (الملك فؤاد بعد ذلك) اختاره محافظاً للقاهرة، وقبيل زواج (السلطان) فؤاد من نازلى اختاره وزيراً للزراعة. ارتبطت حياة الملكة نازلى بخمسة رجال. سعيد زغلول ابن أخت الزعيم سعد زغلول أول حب فى حياتها. السلطان أحمد فؤاد أول الأزواج. اللواء عمر فتحى كبير الياوران. أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكى رائد الملك فاروق ومستشاره الأول الذى تزوجها زواجاً عرفياً بعد قصة حب ملتهبة طلق زوجته وأم أولاده بسببها، وتسببت هذه العلاقة بين نازلى وأحمد حسنين فى أزمة نفسية لفاروق لأن (الفضيحة) كانت على كل لسان فى طول البلاد وعرضها، ولأن فاروق كان يحب أمه ويغار عليها، ولأنه كان يعتمد على أحمد حسنين وهو العقل المدبر لمواقفه وسياساته ولا يستطيع أن يستغنى عنه، كما لا يستطيع أن يقف أمام جموح أمه. وأخيراً رياض غالى الشاب المسيحى الذى كان يعمل فى السفارة المصرية فى واشنطن وله قصة أغرب من الخيال مع نازلى وابنتها الأميرة فتحية انتهت بنهاية مأساوية. كانت نازلى هى الزوجة الثانية للملك فؤاد، أما الزوجة الأولى فكانت الأميرة شويكار التى تزوجها سنة 1895 وطلقها سنة 1898 وظل بدون زوجة عشرين عاما إلى أن تزوج نازلى فى مايو 1919 وكان عمره (51) عاماً وكانت نازلى فى الخامسة والعشرين (من مواليد 1894). أما عمر فتحى فكان ضابطا فى حرس السلطان حسين كامل، وبتوجيهات من الملكة نازلى أصبح الياور الخاص لابنها فاروق سنة 1937 ثم أصبح كبيراً للياوران سنة 1941 برتبة لواء. كان متزوجاً من سيدة من وصيفات الملكة نازلى وانفصل عنها سنة 1953 قبل وفاته بسنتين (سنة 1955) وكان فى الخامسة والستين، وينقل حنفى المحلاوى عن محمد التابعى أن الملكة نازلى (بقيت سجينة القصر سبعة عشر عاماً، وأخيراً مات سجانها الملك فؤاد، وانطلقت بشراهة ونهم تطفئ نار الظمأ الذى أحرق حشاها السنوات الطوال).. وكثر الهمس.. وذكرت أسماء بعض ضباط الحرس وموظفى القصر.. ثم تركزت حول اسمين هما أحمد حسنين والياور (البكباشى فى ذلك الوقت) عمر فتحى، وبعد فترة انسحب عمر فتحى ليترك نازلى لأحمد حسنين. أما قصتها مع أحمد حسنين فكانت حديث الصالونات إلى أن طلق أحمد حسنين زوجته وأم أولاده وهى ابنة الأميرة شويكار زوجة الملك فؤاد السابقة، وتزوج نازلى زواجا عرفيا بعد أن وجدت نازلى أن زوجها رسميا يفقدها لقب الملكة والجلوس على كرسى العرش إلى جانب ابنها الملك، وأكد أحمد حسنين لمن حوله أن علاقته بنازلى لم تكن حبا ولكن كانت حرصا منه على إرضاء نزواتها، ولأنها ملكة مصر وأم ملك مصر وصاحبة النفوذ الأكبر لدى ابنها! كان زواج الملك فؤاد من نازلى فى سنة الثورة واشتعال البلاد، ومن فتاة سمعتها ليست فوق الشبهات مما جعل بيرم التونسى يصدر مجلة باسم (المسلة) بدون ترخيص ويكتب تحت اسمها (المسلة لا جريدة ولا مجلة) وكتب فيها أنشودة ذاعت على ألسنة الناس يقول فيها: البنت ماشيه من زمان تتمخطر والعقلة زارع فى الديوان قرع أخضر يا راكبا الفيتون وقلبك حامى اسبق على القبة وطير قدامى تلقى العروس شبه محمل شامى وجوزها يشبه فى الشوارب عنتر *** الوزة من قبل الفرح مدبوحة والعطفة من قبل النظام مفتوحة ولما جات تتجوز المفضوحة قلت اسكتوا وخلوا البنات تتستر وفى القصيدة يلمح بيرم إلى أن فاروق ولد قبل مضى تسعة أشهر على الزواج بقوله: ياباديشاه ده أنت ابنك ظهر ربك يبارك لك فى عمر الغلام نزل يلعلط تحت برج القمر يا خسارة بس الشهر كان مش تمام وكلمة (باديشاه) معناها السلطان. عاشت نازلى فى قصر عابدين حياة غريبة.. كانت كبيرة الوصيفات تتحكم فى تحركاتها ومقابلاتها وهى مدام جوزيف أصلان قطاوى باشا سيدة يهودية كانت فيما سبق (صديقة حميمة) للملك فؤاد.. وكانت المربية الانجليزية (مسز نايلور) الصارمة هى التى تحكم نظام تربية وتعليم الأطفال وكانت سلطتها فى القصر وكلمتها تفوق سلطة الملكة، ولم يكن للملكة رأى فى تعليم أبنائها ولا يسمح لها برؤيتهم أكثر من ساعة تقريباً كل يوم حتى لا يتعطلوا عن دراستهم. ولم تكن الملكة نازلى تخرج من القصر إلا لمشاهدة عروض الأوبرا فى موسم الشتاء، وفى الاستقبالات والمناسبات الرسمية فقط. وينقل حنفى المحلاوى عن كتاب الأستاذ محمد التابعى (من أسرار الساسة والسياسة): "لم تمض سوى أسابيع قليلة على وفاة الزوج عام 1936 حتى كثر الهمس بين موظفى القصر والأوساط الخاصة المتصلة به بأن السجينة حطمت قيودها وانطلقت وهى لا تزال فى ثوب الحداد تمرح وتحاول تعويض ما فاتها من الحياة ومتعها، وكانت السجينة هى الملكة نازلى التى كانت تقول لكل من يقابلها وتأمن جانبه: أنا سجينة الملك فؤاد" بدأت نازلى فور وفاة الملك فؤاد بالتخلص من رجاله ونسائه فى القصر، وتفرغت أولاً لتدبير الأمور لضمان جلوس ابنها على العرش وفى نفس الوقت أصبحت على علاقة مع رجلين فى القصر هما عمر فتحى كبير الياوران الذى انسحب مبكرا ليخلى الطريق إلى الرجل الثانى أحمد حسنين.. وبقى عمر فتحى حريصا على أن يكون وجوده فى حدود وظيفته.. أما أحمد حسنين فكان من طراز آخر.. فهو خريج جامعة اكسفورد أشهر جامعة فى بريطانيا، وعمل سكرتيرا فى السفارة البريطانية بالقاهرة ثم مفتشا بوزارة الداخلية ثم سكرتيرا فى سفارة مصر فى واشنطن ثم الأمين الأول للملك فؤاد ورائد فاروق ولى العهد وأمير الصعيد، ثم الأمين الأول لفاروق حين تولى العرش ثم رئيس الديوان الملكى وظل يمسك بخيوط السياسة المصرية بين عامى 1940 و 1946. وقضى عشر سنوات مع الملكة نازلى من وفاة الملك فؤاد سنة 1936 إلى وفاته هو فى حادث اصطدام سيارة يقودها عسكرى انجليزى بسيارته على كوبرى قصر النيل فى 19 فبراير سنة 1946. وخلال هذه السنوات العشر أصبح أحمد حسنين الزوج الثانى للملكة الأم. ولكن أحمد حسنين عاش قصة حب بدأت سنة 1940 مع المطربة أسمهان، واستطاع أن يجمع بين الاثنتين مما جعل ناظر الخاصة الملكية مراد محسن باشا يقول إن حسنين باشا كان أخطر رجل فى مصر.. وهو ممثل يجيد التمثيل أفضل من يوسف وهبى.. وأنا لا أنسى يوم جاءتنى الملكة نازلى تقول إنها تحب حسنين ولا تستطيع الحياة بدونه، وأنها تعسة لأن حسنين صارحها بأنه لا يستطيع أن يقربها لأنه لا يحب الحرام.. ولقد دهشت من هذا التصرف من حسنين فأنا أعرفه جيداً وأعرف أنه فى حياته الخاصة ليس شيخ الأزهر، ولكن حسنين كان يمثل دورا، وكانت النتيجة أن ازداد حب الملكة..فهو رجل يجد ملكة بين يديه ويرفض أن يقربها.. وذات يوم قالت له: أنا أعطيك انذارا نهائياً، وإما أن تعاملنى كامرأة، وإما سأقطع كل علاقة بيننا وأفعل ما أشاء، وأجاب حسنين – وهو يتظاهر بالبكاء – إنه لا يستطيع أن يقربها إلا إذا تزوجها.. ثم أسرع يقول: غير معقول أن أتزوج الملكة، وهنا صاحت الملكة نازلى: طظ فى لقب الملكة، ولكن حسنين قال إن جلالة الملك سيطردنى وأنا أفقر من أن أعيش على معاشى. قالت الملكة نازلى أنا مستعدة لأن أضع ثروتى كلها بين يديك.. وهناك قالت الملكة نازلى إذن سأذهب إلى فاروق وأقول له إننى سأتزوجك. قال حسنين: اذهبى.. ولكنه سيرفض. وكانت مقابلة عاصفة بين الملكة الأم وابنها، قال لها فاروق فى نهايتها: رافقيه أحسن، قالت إنه يرفض. قال سأصدر إليه أمرا ملكياً.. ولعل فاروق كان يسخر من أمه. ويختتم مراد محسن باشا شهادته بقوله: وعلى أى حال فإنه لم يفاتح حسنين فى هذا الموضوع، وكان طبيعيا أننى أعتقد أن الملك سوف يغضب ويحقد على حسنين ويطرده.. ولكن شيئا من هذا لم يحدث! وهذه ليست كل القصة. |
استمرت علاقة الملكة نازلى- أم فاروق- بأحمد حسنين رئيس الديوان الملكى- أكثر من تسع سنوات، ولم تكن هذه هى العلاقة الأولى أو الأخيرة فى سجل نزواتها.. ففى سنة 1942 اشتد الخلاف بينها وبين فاروق بسبب علاقتها بأحمد حسنين، فسافرت إلى القدس ونزلت فى فندق الملك داود، وهناك انتشرت القصص عن فضائحها مع رجال مختلفين من العرب والأجانب، يقول صلاح الشاهد الذى كان قريبا من القصر ومطبخ السياسة: إن فاروق استدعى النحاس باشا وقال له: إن والدتى تحبك وتحب زينب هانم- زوجة النحاس- وأرجو أن تسافر لإحضارها.. وسافر النحاس وقرينته إلى القدس وأقاما فى الفندق أسبوعا يحاول إقناع نازلى بالعودة، فاشترطت أن تستقبل فى محطة مصر استقبالا رسميا، وأن يكون الملك نفسه فى استقبالها على رصيف المحطة، ووعدها النحاس بذلك، وعاد النحاس وقرينته إلى القاهرة وأبلغ الملك فأصر على ألا يذهب إلى المحطة والاكتفاء باستقبال الرسميين وتشريفة الحرس الملكى لها. لكنه عاد ووافق على مطالبها وذهب لاستقبالها على رصيف المحطة، ولكن الفضائح التى كانت تنشرها الصحف الأجنبية عن نزوات الملكة الأم كانت تصل إلى السياسيين والصحفيين فى القاهرة، وكانت من المعاول التى أدت إلى تصدع النظام فيما بعد. *** ولم تكن نازلى وحدها التى انتشرت فضائحها فى العالم، ولكن الفضائح شملت الأسرة الملكية كلها.. يقول المؤرخ الكبير عبدالرحمن الرافعى: اجتمع إلى مساوئ فاروق فى الحكم ظهور الفضائح بين أفراد عائلته وأقرب الناس إليه.. وكانت هذه الفضائح-قبل فاروق- موجودة فى نطاق ضيق بحيث لم يلق الكثيرون بالهم إليها، أما فى عهده فقد تفاقمت الفضائح وصارت موضع أحاديث الخاصة والعامة، ولعل مسلك فاروق الشخصى كان مغريا ومشجعا لأفراد عائلته، على الاستهتار وعدم المبالاة، وكان هو قدوة سيئة لهم، ففى عهده تزوجت عدة أميرات من رجال أجانب وهجرن مصر وأقمن مع أزواجهن فى أوروبا وأمريكا، ومعظم-الأزواج- كانوامن الأفاقين ونهازى الفرص، فساءت سمعة أسرة محمد على بين الشعب، ولم تحافظ والدته نازلى على سمعتها. ولكن السنوات التالية لوفاة أحمد حسنين شهدت من الفضائح ما جعل الشعور بالخجل سائدا بين المصريين. فقد سافرت نازلى إلى أوروبا، وقد عزمت على ألا تعود إلى مصر لكى تعيش على حريتها، وعند وصولها إلى مارسيليا قابلت أفاقا يدعى رياض غالى كان أمينا للمحفوظات بقنصلية مصر فى مارسيليا، وكلفته القنصلية ليكون فى خدمة الملكة، وليشرف على نقل حقائبها، وبسرعة تحول إلى عشيق جديد للملكة، وظل يلازمها ليل نهار، وحين سافرت إلى سويسرا وفرنسا وانجلترا ثم استقرت فى أمريكا ظلت تصحبه معها. ووصلت إلى مصر أنباء الفضيحة الجديدة فطلبت وزارة الخارجية من رياض غالى العودة إلى عمله فى مارسيليا فرفض الإذعان لطلب الوزارة، فقررت الوزارة إحالته إلى المعاش، فاستبقته نازلى فى خدمتها، وادعت أنه (السكرتير الخاص) وعوضته أضعاف مرتبه. وبعد ذلك دوت فى العالم أنباء أكبر فضيحة تناقلتها الصحافة الأمريكية والأوروبية رياض غالى- المغامر المسيحى- أصبح العاشق للملكة الأم ولابنتها- الأميرة فتحية- فى نفس الوقت، وكانت هذه العلاقة الشاذة هى الختام المأساوى لقصة ملكة لم تحترم العرش الذى جلست عليه، ولم تراع كرامة البلد الذى تنتمى إليه.. بل لم تحترم شيخوختها حتى حين وصلت إلى سن الثمانين.. بل لم تراع حالتها الصحية، وهى تعانى فى سنوات الإقامة فى أمريكا من مرض فى الكلى، اضطرت إلى إجراء جراحة لاستئصال إحدى الكليتين. كان رياض غالى الشاب الوسيم مسيحيا فى الثلاثين من عمره، حكى بنفسه بداية علاقته بالملكة نازلى فى حديث مع زميلنا الراحل جميل عارف لمجلة المصور نشرته فى عدد 7 يناير 1971 فقال: (طيلة إقامة الملكة وابنتها الأميرة فتحية والأميرة فائقة فى مارسيليا لم أحظ بمقابلتهن.. وفى صبيحة يوم سفر الملكة استدعانى القنصل وكلفنى بحمل البريد الذى ورد باسم الملكة إلى جناحها فى الفندق، دعتنى الملكة للجلوس وسألتنى عن اسمى وأسرتى وعملى وثقافتى.. وعندما وصلت إلى دار القنصلية علمت أن الملكة اتصلت بالقنصل ليتخذ الإجراءات لانتدابى لمرافقتها إلى الولايات المتحدة. *** وبدأت الأنباء تتردد فى أوروبا ووصلت إلى الشارع فى القاهرة عن علاقة الملكة الأم بعاشق جديد، ومن جنيف وصل تقرير سرى إلى فاروق فى 25 أكتوبر 1946 وفيه (سافرت الملكة نازلى إلى جنوب فرنسا، وقد لوحظ أنها سلمت رياض غالى كل أموالها.. وجعلته المتصرف فيها). وينقل حنفى المحلاوى فى كتابه عن الملكة نازلى بعض البرقيات والتقارير التى وصلت إلى الملك ومازالت محفوظة فى أرشيف قصر عابدين ومنها مثلا: نيس 3 نوفمبر 1946- شوهدت الملكة نازلى مع رياض غالى فى المعرض، وكانت تتحدث معه بغير كلفة،واشترت روائح عطرية مختلفة، وكانت تضع بعضها على أنفه ليشم الرائحة.. باريس 17 نوفمبر 1946 وصلت الملكة نازلى إلى هنا وحجزت غرفة لرياض غالى فى فندق (بلانتزا أتينيه) بجوار جناحها.. باريس 20 نوفمبر 46- كان رياض غالى يصطحب الملكة نازلى فى ذهابها إلى الخياطات لشراء الفساتين الجديدة.. باريس 22 نوفمبر 46- شوهدت الملكة نازلى فى مسرح (الكازينو دى بارى) ومعها رياض وكان يجلس بينها وبين الأميرة فتحية.. وبعد ذلك خرجوا إلى مطعم فى الحى اللاتينى وتناولوا العشاء. باريس 27 نوفمبر 1946- شوهد رياض غالى فى البنك يودع فيه مبلغا طائلا باسمه، كما شوهد فى نفس اليوم يقود سيارة ومعه الملكة والأميرتان. جنيف 7 أبريل 1947 لوحظ أن الملكة تتناول إفطارها فى الفندق يوميا مع رياض غالى وهو الحاكم بأمره فى الحاشية الملكية، ويبدى أفراد الحاشية استياءهم لنفوذه الذى يزداد وسيطرته الكاملة على الملكة. جنيف 27 أبريل 1947، قالت الملكة نازلى إنها إذا أرادت أن تختار بين صداقتها لرياض غالى وابنها فاروق فإنها تختار صداقة رياض غالى.. لندن 7 مايو 1947، قالت الملكة نازلى اليوم إنها لا تريد العودة إلى مصر لأن جلالة الملك ينظر إلى رياض غالى نظرة شك.. لندن 8 مايو 1947، قالت الملكة نازلى إنها ستهاجر إلى أمريكا وأنه معروض على رياض غالى مناصب كبيرة فى شركات مالية وصناعية فى أمريكا وأنه يستطيع أن يكون مليونيرا إذا أراد، ولكنه فضل أن يكون فى خدمتها.. لندن 11 مايو 1947 يقول رجال البوليس السرى الذين كلفتهم السفارة بأن يتولوا حراسة الملكة نازلى إن رياض غالى هو المتصرف فى شئونها.. وإن الأميرتين قبل سفرهما مع الملكة لم تكونا لتستطيعا شراء أى شىء إلا بإذنه وبموافقته.. وعندما كان يمرض رياض غالى كانت الملكة هى التى تقوم برعايته. وفى منتصف مايو 1947 هاجرت الملكة نازلى إلى أمريكا.. واستقال رياض غالى من عمله فى وزارة الخارجية ليتفرغ للملكة وابنتها فتحية وأقام معها فى فيلا اشترتها نازلى فى بيفرلى هيلز فى هوليوود أرقى أحياء أمريكا.. وأجريت لها ثلاث عمليات جراحية إحداها لاستئصال الكلى اليمنى. وفى حديث صحفى قال رياض غالى: ذات يوم جمعتنى الظروف بالأميرة فتحية وكنا بمفردنا وحدث ما كنت أخشاه، فقد صارحتنى بحبها لى، فقلت: مستحيل أنت أميرة وأنا لا شىء.. واستدعتنى الملكة نازلى ذات يوم وإذا بها تفاجئنى بقولها اسمع يا رياض، أنا أعرف ما يدور وراء ظهرى بينك وبين فتحية.. فقلت: لقد فكرت فى هذا الموضوع وقررت إشهار إسلامى، فقالت: على بركة الله، واستدعت ابنتها فتحية واستقبلتها بقبلة وهنأتها.. وأمام تعنت الملك فاروق فيما أقدمنا عليه قررنا أن نضعه أمام الأمر الواقع بعدما سمعنا بثورته وتهديده لنا جميعا فحددنا موعدا للزواج، ولكن فاروق ازداد هياجا وثورة.. بل هددنى بأنه سوف يقتلنى بنفسه إن رآنى. فى أواخر أبريل 1950 طلب فاروق من النحاس باشا أن يستخدم نفوذه لدى الملكة نازلى لمنع هذا الزواج بأى ثمن، واتصل الناس بها، وقال لها: (ثقى أن هذا الزواج سيكون أول مسمار فى عرش ابنك، وأول مسمار فى نعشه). ووصلت التهديدات إلى أسرة رياض غالى، ورفضت السفارة المصرية فى واشنطن تجديد جواز سفره.. وفى أوائل مايو 1950 عقد الزواج المدنى فى سان فرانسسكو بين رياض غالى و(الأميرة) فتحية. وطلب فاروق أن تنشر الصحف قصة هذا الزواج بالتفصيل كما طلب من الرقابة عدم حذف أى شىء فيها.. وأمر مجلس البلاط برئاسة الأمير محمد على بالاجتماع للنظر فى أمر الملكة الأم والأميرة وقرر مجلس البلاط رفض زواج فتحية من رياض وتجريدها هى وأمها الملكة نازلى من امتيازاتهما الملكية، فلم تعد الملكة ملكة ولم تعد الأميرة أميرة، ومصادرة أملاكهما وأموالهما فى مصر. الفصل الأخير فى يوم 9 ديسمبر 1976 أطلق رياض غالى الرصاص على الأميرة فتحية وقتلها بعد إدمانه الخمر والمخدرات، وحاول الانتحار بإطلاق الرصاص على رأسه، ولكنه لم يمت وحكم عليه بالسجن 15 عاما.. ومات رياض غالى.. ثم ماتت الملكة نازلى عام 1978 وعمرها 83 سنة ودفن الثلاثة فى إحدى كنائس لوس انجلوس، فقد ماتوا على المذهب المسيحى الكاثوليكى.. بعد أن تبددت الثروة وعاشوا حياة الفقر.. ولم يترحم أحد عليهم فى مصر وكل ما قيل: إن الله يمهل ولا يهمل. | |||
No comments:
Post a Comment